يعتبر القرن الثامن عشر والتاسع عشر، مرحلة مهمة في تاريخ كنتة وبلاد السودان الغربي، حيث تولى الشيخ المختار الكنتي وأحمد البكاي، قيادة الطريقة القادرية والقبيلة، وأسفرت جهودهما عن إعادة هيكلة الطريقة من جديد في فرعين جديدين تابعين لهما، أطلق على الفرع التابع للشيخ المختار القادرية المختارية، في حين عرف الفرع التابع للشيخ أحمد البكاي بالقادرية البكائية، وفي عهد هذين الفرعين البارزين أضحى الكنتيون ذوي مكانة متنفذة في النسيج السياسي والاقتصادي والديني والروحي والاجتماعي على خريطة بلاد البيظان والسودان، وهذه المكانة حاولت فرنسا في القرن العشرين الاستفادة منها في الهيمنة على إفريقيا جنوب الصحراء واستغلال خيراتها الطبيعية والبشرية، لذلك راهنت على التقرب من شيوخ كنتة عن طريق الأسلوب الدبلوماسي والإغراءات حتى تلقى مساعدتهم في تنفيذ مشاريعها الإمبريالية، ويكتسي هذا العمل أهمية علمية، تتجلى في أنه يرصد السياسة الصوفية التي صاغتها فرنسا للتقرب من المتصوفة القادرية من جهة، ومن جهة أخرى يستعرض الخدمات التي قدمها هؤلاء لها.