مثّلت الثقافة والمعرفة على طول خط البشرية الركيزة الأساس التي ابتنيت عليها الحضارات، ولذا عُدّ اختراع الحِرَف حدثاً لبزوغ فجر التاريخ للبشرية في مسيرتها الإنسانية.
ولما كانت البحوث والدراسات واحدة من أهم الركائز التي تستند عليها قافلة المعرفة، وكانت وصايا الدين تدعو إلى معرفة الآخر تحقيقاً للغاية الإلهية بجعلهم شعوبا وقبائل. فقد كانت رسالة مركزنا للآخرعن طريق الوسيط الاكاديمي ليكون هو كاتب الرسالة وحاملها والحادي الذي يحدو نوق المعرفة لها.
بسم الله الرحمن الرحيم
لم تفتأ القارة الإفريقية يوماً بعيدة عن عين عاصفة الصراعات الدولية والقوى الاستعمارية الباحثة عن استغلال ثروات الشعوب واستعباد شعوبها، فتاريخ القارة زاخر بالمآسي والمصائب الشاهدة ـ وبكل أسف ـ على ظلم الإنسان لنظيره الإنسان، ومما ينمي الجرح أكثر أن يأتي هذا الظلم والاستغلال والاستعباد ممن يحملون اليوم شعارات الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وما نقصده هو الاستعمار الغربي لإفريقيا الذي مثّل حقبة مؤلمة في تاريخ القارة، حيث استعمرت القوى الاستعمارية الأوروبية معظم أجزاء إفريقيا واستغلت مواردها وسكانها، واستمرت فترة هذا الاستعمار حتى منتصف القرن العشرين حينما بدأت بعض الحركات الوطنية في السعي نحو الاستقلال الجزئي لبعض الدول الإفريقية خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ولكنه استقلال ناقص؛ إذ ظلت هذه الدول مرتهنة وتابعة اقتصادياً وسياسياً للدول الاستعمارية.