من منظور الأنثروبولوجيا الاجتماعية يستعرض البحث باختصار مسيرة تكوين الهوية السودانية الأفريقية/العربية/الإسلامية، ثم الانحراف عن تحقيق بوتقة الإنصهار بفعل فشل النخب السياسية في حسن إدارة التنوع الإثني-الثقافي حيث تعاملت مع هذا التنوع من منصة الاستقطاب السياسي بدلاً عن تدعيم عوامل الاندماج الوطني. ثم يشرح البحث كيف تشكلت الهويات الصغرى/دون الوطنية عبر الزمن على حساب بناء الهوية الوطنية الجامعة. ويشير البحث إلى كيف عملت هذه الهويات الصغرى/الإثنية على تغذية الصراعات المجتمعية بلاعبين غير رسميين (non-state actors) والذي انتهى بفصل الجنوب في 2011 فضلاً عن انفجار حروب في عدة مناطق في السودان. يرى البحث أن حكومة الحركة الإسلاموية/العسكرية (1989 – 2019) قد اشتغلت على الاستقطاب السياسي على أساس إثني/مناطقي مما زاد من تعميق هذه الانقسامات المجتمعية وأشعل صراع الهويات الصغرى. وعندما اندلعت الحرب بين الجيش والدعم السريع في 2023 استغل الطرف الآخر – قوات الدعم السريع – هذه القبائل المهمشة كحواضن اجتماعية وعمل على تجنيدها للقتال لجانبه. يناشد البحث المجتمع الدولي في دعم عملية تشكيل حكومة تكنوغراط من كفاءات مستقلة لتحقيق سلام مستدام في السودان.